صقلية Sicily

أعود لكم بعد إنقطاع طويل بسبب مرضي و ظروفي الصحية، عودتي للتدوين كانت من جنوب إيطاليا وبالتحديد صقلية و التي زرتها في بداية عام 2023م، الجزء الأول من تقريري يتحدث عن صقلية و علاقتها بالعرب و لعل هذا هو السبب الرئيسي لرغبتي في زيارتها

إستغرق إعداد هذا الجزء أكثر من سنة من البحث والتقصي ليظهر لكم بهذا الشكل…..

في الجزء الأول سوف نتعرف عن تاريخ صقلية و سر شعارها و تأثير العرب عليها

تواجد إسلامي لأكثر من 200 عام

صقلية هي أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، وهي منطقة ذاتية الحكم في إيطاليا، و الجزر الصغرى حولها مثل الجزر الإيولية هي جزء منها. اسمها الرسمي هو “منطقة الحكم الذاتي الصقلي” مساحتها 25،708 كم² و هي أكبر الأقاليم الإيطالية مساحة ويبلغ تعداد سكانها نحو خمسة ملايين نسمة.

قراءة المزيد: صقلية Sicily

صقلية بالإيطالية تُلفظ سيشيليا “Sicilia”، وهي تعني باللسان القديم التين والزيتون، وإلى هذا المعنى أشار الشاعر الأديب أبو علي الحسن بن رشيق، المعروف بالقيرواني (ت٤٥٦هـ)، حين مدح جزيرة صقلية بقوله:

أخْتُ المدينة في اسم لا يشاركها

فيه سِوَاها من البُلدان فالتَمِسِ

وعظَّم اللهُ معنَى لفظها قسماً

قَلِّد إذا شئتَ أهل العلم أو فَقِس

تمتلك صقلية ثقافة غنية وفريدة من نوعها وخاصة فيما يتعلق بالآثار و الفنون والموسيقى والأدب والمطبخ والعمارة واللغة، و هذا يفضل تعاقب غزوها و احتلالها من أكثر من 17 مره خلفوا ورائهم العديد من الثقافات والأديان والعلوم والتي يبقى منها ماهو ظاهر حتى يومنا هذا، و إستمر تواجد المسلمين في صقلية لمدة تزيد عن 200 عام ولعل الإرث العربي و المتمثل باللغة العربية و الأثر اللغوي هو أكثر أثار صقلية صمودا أمام الزمن فبعد مرور 11 قرنا منذ نهاية دولة المسلمين مازالت هذه المصطلحات جزءا رئيسيا في اللغة الصقلية

يستند الاقتصاد الصقلي إلى حد كبير على الزراعة (البرتقال والليمون أساساً). جلب هذا الريف الإيطالي والجمال الطبيعي الصقلي السياح بكثرة في العصر الحديث، و تعاني السياسة والاقتصاد الصقليان من الجريمة المنظمة وتسمى كوزا نوسترا (Cosa nostra) و هي في انحسار مستمر.

تحتل صقلية موقعاً استراتيجياً في طرق التجارة المتوسطية و في خلال حكم اليونان كانت صقلية من ضمن منطقة يطلق عليها اليونان الكبرى أو ماجنا جراسيا ووصف حينهاالكاتب الروماني الشهير شيشرون – Cicero مدينة سيراكوزا بأنها أعظم وأجمل مدن اليونان القديمة وكان من أشهر سكانها عالم الرياضيات أرخميدس و الذي ولد و مات فيها.

أهم مدن صقلية:

أغريجنتو، مدينة تقع في الجزء الجنوبي من الجزيرة، ويشار فيها بشكل خاص إلى وادي المعابد المدرج من طرف اليونسكو ضمن التراث العالمي.

كاتانيا، مدينة جامعية حيوية وكثيرة الازدحام وتعتبر المركز الاقتصادي للجزيرة أيضا، كما تجذب كثيرا محبي الحياة الليلية، والمسافرين إلى جبل إتنا الشهير

 جيلا، هي واحدة من المدن اليونانية القديمة الموجودة في إيطاليا، وتعتبر أهم مركز أثري ومنتجع ساحلي على الساحل الجنوبي للجزيرة.

مارسالا، وتشكل هذه المدينة القديمة التي عرفت باسم “مرسى علي” متحفا مفتوحًا، فهي مدينة مثيرة للاهتمام بشكل جيد، وتقع في أقصى الغرب من الجزيرة، وتوجد بها محمية بحرية مهمة تعرف باسم ستاغنون لاغون.

ميسينا، مدينة متوسطية جميلة ومزدحمة، تعتبر الوصلة الرئيسية إلى البر الرئيسي لإيطاليا، حيث تقع على ضفاف المضيق الذي يفصل الجزيرة عن إيطاليا ويحمل نفس اسم المدينة “مضيق مسينة” وعرضه 5 كيلومترات.

ميلاتسو، تقع في أقصى شمالها الشرقي، وتستخدم أساسا كنقطة عبور إلى الجزر الايولية، وتتوفر على قلعة جميلة في أعلى التلة مطلة على المدينة والساحل الجميل.

باليرمو ، مدينة حيوية تشكل عاصمة الجزيرة وأكبر مدنها، وتوجد بها الكثير من المعالم السياحية التاريخية، فقد تم تأسيسها عام 734 قبل الميلاد من قبل الفينيقيين، ومر عليها الرومان والإغريق والعرب، خلال القرن العاشر أطلق عليها  “عروس البحر الأبيض المتوسط”

راغوزا، مدينة تعود للقرون الوسطى وتشكل وجهة للباحثين عن فرصة لمشاهدة الهندسة المعمارية الباروكية الرائعة، وهي من المواقع المدرجة ايضا ضمن التراث العالمي لليونيسكو.

سيراكوزا، وهذه ليست المدينة الأمريكية في ولاية نيويورك التي تحمل نفس اسمها، ولكنها عبارة عن بلدة ساحلية تاريخية تعود إلى الفترة الاغريقية وهي مدرجة ضمن التراث العالمي.

تراباني، مدينة أخرى من المدن الجذابة في صقلية، وتعد نقطة انطلاق وبوابة إلى جزيرة بانتيليريا الشهيرة والرائعة، وكذلك باتجاه جزر إيغادي.

أقاليم صقلية:

تقسم صقلية إدارياً إلى تسعة مقاطعات:

مقاطعات صقلية
  • مقاطعة أغريجنتو جِرْجَنْت أوكِرْكَنْت – Agrigento
  • مقاطعة كالتانيسيتا قلعة النساء – Caltanissetta
  • مقاطعة كاتانيا قطانية – Catania
  • مقاطعة إنا – Gela
  • مقاطعة مسينة – Messina
  • مقاطعة بَلَرْم أو باليرمو – Palermo
  • مقاطعة راغوزا رَغُوس أو رغوص – Ragusa
  • مقاطعة تراباني طَرابنش أو أطرابنش – Trapani
  • مقاطعة سرقوسة – Syracuse

تاريخ صقلية:

ترجع الآثار الموجودة في أرجاء الجزيرة لحقبة العصر الجليدي و يرجح  أن يكون سكان صقلية الأوائل من ثلاث مجموعات محددة من الشعوب القديمة في إيطاليا.

أشهرهم و أكثرهم تواجد و هيمينة كان شعب السيكاني Sicani, وهم من أصول أوروبية معظمهم من أسبانبا وبالتحديد كاتالونيا والتي يرجع تاريخها لحقبة نهاية العصر الجليدي تقريبا 8 الالف عام قبل الميلاد وأطلقوا على الجزيرة إسم سيكانيا، بعدها إنضم لهم شعب الإلميون و سكنوا الجزء الغربي من صقلية خلال العصر البرونزي والعصور القديمة الكلاسيكية و يرجع أصولهم لمنظقة يحر إيجه

ثم نزح لها شعب السيكولس وغالبا نزحوا من شمال و وسط إيطاليا و كانوا شعوب قاسية فسببوا في نزوح الشعب السيكاني لغرب الجزيرة

بعدها دخلت تحت الحكم الجرماني 469-535 ق م ثم الفينيقييون وهم من سموا باليرمو العاصمة عام 800 ق م                                                                           

الإغريق (اليونان أثينا)                                                            

قدم الأغريق لصقلية عام 734 ق م وكانت أول مدينة يحتلونها جيارديني ناكسوس  Giardini Naxos،و كانت سيراكيوزا و أغريجينتوا من أهم المدن الإغريقية وأكبرها في منطقة البحر الأبيض المتوسط،و إنتشرت الديانة الإغريقية وبنيت العديد من المعابد، حاليا يوجد في صقلية آثار لمعابد رومانية تفوق ماهو موجود في اليونان ، و من أشهر المعابد في صقلية وادي المعابد في أغريجينتوا – جِرْجَنْت أوكِرْكَنْت ‏، مدينة إيطالية تقع على الساحل الجنوبي لصقلية، عاصمة مقاطعة جرجنت، تعرف كموقع لمدينة أكركاس Akragās القديمة   

734-480 BCColonial archaic period الفترة الاستعمارية القديمة
480-323 BCClassical period الفترة الكلاسيكية
323-241 BCHellenistic period الفترة الهلنستية

الرومان 

   Roman Empire – Gothic occupation -Roman Republic                                                                                      من عام 242 ق م حتى عام 535م                  

إندلعت الحروب الحروب البونيقية اليونانية (الأولى) في الفترة بين 600ق م – 265 ق م وكانت محور القتال السيطرة على صقلية وفي عام 242 ق م سيطرت الجمهورية الرومانية على صقلية وأصبحت أول إقليم للأمبراطورية الرومانية خارج شبه الجزيرة الإيطالية                               

بعدها إنطلقت الحروب البونيقية اليونانية الثانية (قتل بها أرخميدس) و انتصر الروم بها وكانوا أكثر شراسة وفي عام 210 ق م أعلن القنصل الروماني فاليريان مجلس الشيوخ في روما أنه «لا يوجد أي قرطاجي في صقلية

حازت صقلية على مستوى من الأهمية العالية للرومان كونها كانت بمثابة مخزن حبوب الإمبراطورية. قسمت الجزيرة إلى شطرين سيراكيوز في الشرق وليليبايوم إلى الغرب. على الرغم من محاولة أغسطس إدخال اللغة اللاتينية إلى الجزيرة فإن صقلية بقيت إلى حد كبير يونانية من الناحية الثقافية. عندما أصبح فيريس حاكم صقلية في 70 ق م  بدأت أحوال الجزيرة بالتدهور بشدة                                                            

استخدمت الجزيرة كقاعدة للسلطة مرات عديدة، حيث احتلها المتمردون من العبيد خلال حروب العبيد الأولى والثانية، وسكستوس بومبيوس خلال التمرد الصقلي.

ظهرت المسيحية أول مرة في صقلية بعد عام 200 م، ومنذ ذلك العام حتى عام 313 ميلادي عندما رفع قسطنطين الكبير أخيراً الحظر المفروض على المسيحية، .سقط عدد كبير من الشهداء الصقليين مثل أجاثا وكريستينا ولوسي وإيوبليوس وغيرهم الكثير.                                                            

 نمت المسيحية بسرعة في صقلية خلال القرنين القادمين. خدمت صقلية كمقاطعة رومانية لحوالي 700 سنة في المجموع  بعدها غزوها القوطيين واحتلوها في عام 400م                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   البيزنطيين Byzantine  

من عام 535م حتى 827م

أعلن الإمبراطور جستنيان الأول صقلية مقاطعة بيزنطية عام 535م، وعادت اللغة اليونانية للمرة الثانية في تاريخ صقلية كلغة للجزيرة.     

المسلمين

من عام 827م حتى 1091م                                                                                                                          تراجعت الإمبراطورية البيزنطية، وثم فتحت صقلية من جانب القوات الإسلامية في عهد الخليفة عثمان بن عفان عام عام 31 هـ/ 652 م، ولكنه لم يدم طويلا وتركوها وتاولت غزوات المسلمين عليها على فترات متقطعة.    

 وكان البيزنظيين يقاومون بشراسة عن الجزيرة و صارت هناك اتفاقيات تجارية ما بين المسلمين والبيزنطيين والسماح لهم باستخدام الموانئ الصقلية. واستولى بالطة على مدينة سرقوسة فاستنجد حاكمها فيمي بزيادة الله الأغلبي أمير تونس عارضا عليه الجزية مقابل جعله حاكما عليها. فأرسل زيادة الله جيش المسلمين في عام 8281ه وقد استغرق احتلال الجزيرة بالكامل وقت طويلا بسبب مقاومة الأهالي والنزاعات الداخلية، واستولوا على  بالهرم (باليرمو) عام 831 م ونقلوا عاصمة صقلية إليها، حيث لا تزال كذلك حتى الآن ولم يكتمل احتلال كامل الجزيرة إلا عام 965م حيث كانت في أوج إنتصاراتهم و وصلوا حتى نابولي

الحقبة الأولى كانت حقبة الأغالبة (تونس) وكانت فترة غير مستقرة أثرت عليها الإضطرابات في أفريقيا القريبة و كانت فترة النزوح و الحروب لفرض السيطرة على صقلية

الحقبة الثانية كانت حقبة الفاطميين، امتدت ما يقارب 40 سنة وكانت سنوات عصيبة بسبب تشيع الفاطميين وغلوهم كان سببا كافيا لمقاومتهم، ومحاولات فرض الصقليين شروطهم، لكن الخليفة الفاطمي المهدي لم ينصع لهم، وأرسل إليهم عددا من الولاة الأشداء قساة القلوب مثل سالم بن أبي راشد، ومن بعده خليل بن إسحاق، مدعومين بقوات عسكرية كبيرة حيث استطاعت سحق الثورات كافة في الجزيرة

الحقبة الثالثة كانت حقبة الكلبين (إمارة صقلية)، و كانت الكلبيين من أخلص العائلات إلى الفاطميين و عاشت صقلية خلال عهدهم أمجد أيامها و تعاقبَ على حكم الجزيرة من الكلبيين عشرة ولاة في مدة خمس وتسعين سنة كان أولهم الحسن بن علي بن أبي الحسين من أسرة بني كلاب في عام 336هـ، و شهدت في أثنائها تقدما في الحياة العمرانية وفي العلوم والآداب، كما شهدت جهادهم المستمر في جنوب إيطاليا وفي مقاومة أطماع الروم في الجزيرة على الرغم من تهديدات الإمبراطور البيزنطي قسطنطين السابع Constantine VII. وأخلدت صقلية إلى الهدوء، وجنَت من ذلك خير الثمار.

رسخ المسلمون ثقافتهم الإدارية في مفاصل الدولة من خلال نظام الديوان وضرب النقود، وبنوا المساجد وشيدوا القصور وأقاموا القلاع والأسوار.

وفيما يلي جدول يوضح حكم العرب خلال فترة زمينة زادت عن 250 سنة

إمارة الأغالبة الأفريقية827م -211ه909م-296ه82 سنة
الدولة الفاطمية909م-296ه948م -336ه40 سنة
إمارة صقلية (بني كلب)948م -336ه1052م-443ه104 سنة
إجمالي فترة حكم المسلمين في صقلية226 سنة

  وقد قسم العرب الجزيرة إلى ثلاث مناطق أساسية: إقليم وادي المزارة (أو مازر) الواقعة في الغرب وقد انتشر فيها الإسلام إلى حد كبير عندما غير السكان دينهم المسيحي واعتنقوا الإسلام. وإقليم وادي دي نوتو (نوطس) في الجنوب الشرقي، وإقليم وادي ديمونا (دمنش) في الشمال الشرقي حيث بقيت أقلية مسيحية معتصمة في أعالي الجبال. ومن هناك كانت تقود المقاومة ضد المسلمين. وكانت مقاومة على هيئة فدائيين أو مغاوير. ومعلوم أن الجبال الوعرة تساعد على هذا النوع من المقاومة.

وبعد قرنين ونصف من الزمان على ازدهار الإسلام في صقلية تكالب الأمراء على العرش وساد الخلاف والتشرذم بينهم و تم تقسيم الحكم إبى ولايات صغيرة فضعفت الدولة تناحرت و طلب يعضها العون من النورمان والذين وجودها فرصة سانحة لفرض سيطرتهم الكاملة في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي.

النورمان   -الحكم النورمندي

بدخول القرن الحادي عشر في عام 1092م تعرضت جنوب إيطاليا لهجمة شرسة من المرتزقة النورمان، وهم السلالة المسيحية من الفايكنج (نورماندين)، وكانوا بقيادة الملك روجر الأول (الملقب بالكونت الكبير روجرو) سيطروا على كافة الجزيرة وطمسوا كافة آثارها الإسلامية ماعدا بعض الأطلال التي مازالت موجودة في غرب الجزيرة، وبعد أن توطد الحكم النورماندي جاء بعده إبنه الملك روجر الثاني فكان أقل شراسة من سابقه و استعان بالمسلمين و وضعهم بمناصب مهمة في المالية والعمارة وساعدوه في بناء الدولة إلا أنه فرض عليهم الجزية مقابل الحماية بنفس الطريقة التي فرضها المسلمين على المسيحيين قبل خسارتهم للحكم.

نهاية العرب

وفاة روجر الثاني كان بمثابة نهاية عصر التَّسامُح الدِّيْنِي المَزْعوم في الجزيرة وبداية لاضطهاد المسلمين فيها، وأن غليالم (وليام) الأول قد بدأ ينتهج سياسة القضاء على المسلمين في صِقِلِّيَّة، وأن غليالم (وليام) الثاني (آخر ملوك الرومان) قد أكمل من بعده على البَقِيَّة الباقية

وقد أعطانا الرحّالة الأندلسي ابن جبير البلنسي الذي زار الجزيرة في أيام الإسلام والمسلمين الأخيرة فيها في زمن الملك وليام الثاني سنة 580هـ/1185م، فروى مشاهد مروّعة ومؤلمة عما كان يحيق بالمسلمين حينذاك من مذابح واستئصال ممنهج، وتنصير قسري، ومنع الصلوات، وتحويل المساجد إلى كنائس، إلا أن الوضع كان أفضل في باليرمو

بعد سقوط السلالة النورماندية هوتفيل، حكمت صقلية السلالة الألمانية الجنوبية هوهنشتاوفن ابتداء من عام 1194م، وجعلت باليرمو أهم مدنها في عام م1220. وكانت هذه السلالة متعصبة دينية ولم تقبل بأي ديانة غير المسيحية مما أثار العديد من الصراعات المسيحية الإسلامية المحلية بين عامي 1224م و1231م،قام الإمبراطور فريدريك الثاني بمحاصرة المسلمين في آخر معقل لهم في صقلية في منطقة أنتيلا و حاصرهم لمدة خمس سنوات حتى تمكن منهم و نفي ماتبقى من المسلمين (عددهم 5000 تقريباً) من صقلية إلى بوليا (أقصى جنوب شرق إيطاليا – كعب الجزمة) والتي تحولت لاحقاً إلى جزء من مملكته، بينما غادر بقية العرب إلى شمال أفريقيا. و بقت اللهجة الصقلية مستخدمة في بوليا حتى بداية القرن الرابع عشر.و في أعقاب الغزو النورماندي ، استغرقت عملية التحول إلى اللاتينية الكاملة ، التي عززتها الكنيسة الرومانية ، الجزء الأكبر من قرنين من الزمان ، وحتى ذلك الحين ظلت هناك جيوب من التأثير البيزنطي في جبال نيبرودي شمال شرق صقلية.

وأصبح فريدريك الثاني Frederick II امبراطوراً على ألمانيا (1212ـ1250) وعلى مملكة الصقليتين (نابولي وجزيرة صقلية)، وكان شغوفاً منذ صغره بتعلم اللغة العربية إضافة إلى اليونانية واللاتينية، وكان للتراث العربي والنورماني أثر بارز في تكوين شخصيته، فأمر بترجمة المؤلفات العربية العلمية والأدبية.

وفي عهده تم تأليف كتاب «المسائل الصقلية»، وهي المسائل التي وجَّهها فريدريك إلى علماء المسلمين وأجابه عليها الفيلسوف الأندلسي ابن سبعين، ونشطت حركة الترجمة في عهد فريدريك، فقد ترجم له المترجمون من العربية إلى اللاتينية «كتاب البيطرة» و «شرح ابن رشد».ويذكر بأن فريدريك تدرب مع أولاده على نظم الشعر الغنائي المتأثر بالشعر العربي والتي كانت اللبنة الرئيسية لإنتشار وإزدهار الشعر الإيطالي فيما بعد

وفي عهد فريدريك الثاني استمرت المؤثرات الهندسية العربية واضحة في البناء الصقلي

تريناكريا

شعار صقلية

يُعرف رمز Trinacria في جميع أنحاء العالم باسم شعار صقلية. لكن لماذا امرأة بثلاث أرجل؟ وماذا يعني ذلك؟

يرجع تاريخ إستخدامه عند قدوم محاربي السبارتان لصقلية كانت دروعهم تحتوي على رسمة رجل واحدة مثنية، لكن بعد استقرارهم أضافوا رجلين ليظهر شعار صقلية يشكله الحالي

درع محاربي السبارتان

تاريخ تريناكريا

Triskelion ، المعروفة في صقلية أيضًا باسم Trinacria ، هي المرأة ذات الأرجل الثلاثة التي ترمز إلى صقلية. تم اعتماده لأول مرة في عام 1282م، وهو حاليًا العلم الرسمي لمنطقة صقلية المستقلة.

رسميًا ، أصبحت تريناكريا علم صقلية في عام 1943 ، خلال الحرب العالمية الثانية. كان زعيم حركة الاستقلال ، أندريا فينوشيارو أبريل ، أول من تبنى هذا الرمز. خلال الحرب العالمية الثانية ، حيث ساعد المستقلون الصقليون الحلفاء على الهبوط في السواحل. بعد الانتصار في الحرب، و إعلان إنفصالهم عن إيطاليا.

في النهاية ، استخدم المستقلون علمًا أصفر وأحمر ، مع وجود Trinacria في المركز. أرادوا أن يشيروا إلى انفصالهم عن الحكومة الإيطالية. بعد نهاية عندما الحرب العالمية الثانية ، و بعدها اعترفت الحكومة الإيطالية بصقلية كمنطقة حكم ذاتي.

ميدوسا

في الأساطير القديمة، كان جورجون شخصية أسطورية و كانت كل واحدة من البنات الثلاث لإلهين من آلهة البحر. كانت البنات الثلاث ميدوسا وستينو (“القوية”) ويوريال (“الكبيرة”). اشتهرت ميدوسا بشكل أساسي بقدرتها على تحويل الرجال الفانين إلى الحجر بنظرة واحدة. لكن الإلهة كانت معروفة أيضًا بمساعدتها لمحاربة قوى الشر. في Trinacria ، يقف رأس Medusa في الوسط.

في رمز صقلية ، يظهر رأس ميدوسا بشعر الثعابين المتشابك وآذان الذرة. تمثل آذان القمح رمزًا لخصوبة الأرض و كانت موجودة في الدراخمه الفضيه من مملكة صقلية و تعود لأكثرمن 300 سنة قبل الميلاد

الأرجل الثلاثة

تمثل الأرجل الثلاثة في رمز Trinacria النتوءات (رؤوس الجزيرة) الثلاثة في صقلية. تلك النتوءات هي كيب بيلوروس ، كيب باسيرو ، وكيب ليليبيو.

رمز تريناكريا اليوم

إن رمز Trinacria اليوم غني بالفولكلور ، وقد احتفظ الصقليون بتقاليده بحماسة.

إلى جانب صقلية ، يتم استخدام رمز Trinacria لمناطق و دول أخرى مثل علم جزيرة مان، و أيضا في جزيرة كريت ومقدونيا وإسبانيا Celtiberian.

كان رمز Trinacria موجودًا أيضًا في معاطف العديد من السلالات النبيلة. من بين هؤلاء ، مثل ستيوارت ألباني ، ورابنشتاينر ، وشانك ، ودروكومير ، ويواكيم مورات ، ملك نابولي وصقلية.

تأثير العرب على صقلية

نرك العرب بصمتهم في جزيرة صقلية في الثقافة واللغة والعمارة والزراعة والغذاء، خاصة أن الجزيرة صغيرة المساحة و المدة التي حكموها تزيد عن 250 عام بين القرن التاسع و الحادي عشر الميلادي و يطلق على المستوطنين القادمون من الشام والشمال الأفريقي Moors  أو Saracens ونعني المسلمون.

و بشكل عام تختلف هوية الإيطاليون في الجنوب عن الشمال، فأهل الجنوب أكثر وداً و سماحة مع الغرباء و في صقلية تزداد وضوحاً حيث يتمتعون أهلها الأصليون بهوية متوسطية متعددة الثقافات

في ظل العرب ، وجدت صقلية وإلأندلس نفسيهما متطورين للغاية مقارنة بإنجلترا وشمال أوروبا و حتى بعد فقد سيطرتهم على الجزيرة فقد قام النورمان في عهد الملك روجر الثاني بتعيينهم في اهم مناصب الدولة المالية والسياسية و قاموا بتأسيس حكم الديوان (لا ديوانا)

العمارة أسماء الشوارع والمساجد و القصور

هي أحد المؤثرات الرئيسية التي تشكل الجمال التوفيقي لأسلوب صقلية الفني والمعماري. من باليرمو إلى ميسينا ، يتجلى التأثير العربي في صقلية أمام أعيننا بألوان نابضة بالحياة وتصاميم رائعة

كل هذه الأثار كانت من قبل المعمارين العرب خلال حكم النورمان بعد سقوط الدولة الإسلامية

فتظهر العمارة المغربية في صقلية في كنيستين كاتدرائيتين ضخمتين هما Cefalù  تشفالو و هي مدينة تقع في مقاطعة باليرمو على الساحل الشمالي لبحر التيراني حوالي 70 كم شرقاً من العاصمة باليرمو و 185 كلم غرب ميسينا.

و كنيسة  Monreale ، و كانت باليرمو عاصمة الإمارة العربية في صقلية  لمدة تزيد عن مائة عام و المشي في باليرمو يشبه تصفح كتاب تاريخ الفن ، وبقدر ما هي فريدة وثمينة مثل هذه المدينة ، فإن معظم معالمها معروفة اليوم بأهميتها وقيمتها من قبل العالم بأسره ، بعد أن تم إعلانها أيضًا كمواقع لليونسكو. يبلغ عدد مواقع اليونسكو باليرمو ثمانية ، ومعظمها مهم بالضبط لتأثيرات العمارة العربية

كاتدرائية باليرمو Palermo Cathedral

تعد كاتدرائية باليرمو واحدة من أفضل الأمثلة على الانسجام التوفيقي الذي يميز العمارة والفن الصقلي و يظهر جلياً تأثير العمارة العربية النورماندية على صقلية جيث أن معظم الكنائس كانت بالأصل مساجد إسلامية، و كاتدرائية باليرمو مثال على ذلك، حيث كانت بالأصل جامع كبير نم تحويله لكنيسة

يعود الجانب الأمامي لكاتدرائية باليرمو إلى القرن الرابع عشر ، وعلى الرغم من أن الهيمنة الإسلامية قد انتهت لأكثر من قرنين من الزمان ، إلا أن نمط العمارة العربية لا يزال واضحًا في برجي الجرس الأنيقين المزينين بزخارف عربية

و يمكن مشاهدة نقش قرآني على أحد الأعمدة في أقصى المدخل الأيسر

مصلى بالاتين باليرمو   Palatine Chapel Palermo

ليس بعيدًا عن كاتدرائية باليرمو ، يوجد مبنى آخر لا يصدق ،يقع داخل القصر الملكي ، المعروف أيضًا باسم قصر نورمان ، ويعرفه الكثيرون بأنه أجمل كنيسة صغيرة في العالم وخلال الفترة النورماندية بدأ القصر الملكي كما نعرفه في التبلور. وفقًا للتقاليد ، يجب بناء كنيسة ملكية في الداخل. لذلك ، عندما توج Ruggero II D’Altavilla في عام 1130 ، كاحتفال ، قرر بناء هذه الكنيسة الرائعة

منظر لمصلى بالاتينا في قصر نورمان في باليرمو

فالسقف مصنوع من المقرنصات ، وهو عنصر زخرفي خاص نموذجي للعمارة العربية و النقوش اليونانية على الفسيفساء الزجاجية ، مكتوبة باليونانية و باللاتينية وبالعربية

إن كنيسة بالاتينا هي أقوى شاهد لتمازج الحضارات و الأديان المسيحية اللاتينية و البيزنطية و الإسلامية حيث توجد نقوش ورسومات أمر الملك روجر الثاني ببنائها خلال فترة حكمه و هي واضحة في سقف الردهة الوسطى من الكنيسة

جزء من السقف الخشبي للردهة الوسطى

ميسينا  Church of Santissima Annunziata dei Catalani.

من المحتمل أن تكون الكنيسة قد شُيدت في البداية خلال الفترة البيزنطية ، فوق بقايا معبد يوناني مخصص لبوسيدون ، ثم تحولت بعد ذلك إلى مسجد خلال فترة الهيمنة الإسلامية. بعد تحويل المدينة إلى المسيحية ، تم تكريس الكنيسة أخيرًا إلى Santissima Annunziata. بعد سنوات عديدة من التعديلات ، تقدم الكنيسة نفسها اليوم كمثال مثالي للفن النورماندي ، حيث تلتقي العمارة البيزنطية والعربية معًا بشكل مثالي.

Santissima Annunziata

معظم لافتات الشوارع الرئيسية في المركز التاريخي لمدينة باليرمو مكتوبة بالإيطالية والعبرية والعربية ومثال عليها لافتة شارع فيا ديفيسي

و يُطلق على الشريان (الشارع) الرئيسي لمدينة باليرمو إسم Via Vittorio Emanuele ، لكن السكان المحليين يشيرون إليه باسم Cassaru وهو اشتقاق من كلمة “القصر”  و هذا الشارع يشطر كنيسة سان جيوفاني ديجلي إريميتي الرائعة ، والتي كانت في السابق واحداً من مساجد باليرمو والتي كانت مليئة بها بالإضافة للعديد من القصور التي بنيت أو تم تزيينها من قبل الحرفيين العرب.

و يمكن ملاحظة تأثير العمارة العربيةالنورماندية في السقف المقبب لكنيسة سان كاتالدو في باليرمو

كنيسة سان كاتالدو

ويمكن أيضا ملاحظة التأثير العربي في الحي التاريخي القديم في باليرمو Kalsa و هو مشتق من الكلمة العربية “الخالصة” حيث بدأ البناء في منطقة الخالصة في بلهرم بالقرب من البحر في عام 937 من قبل خالد بن إسحاق ، حاكم صقلية آنذك وكانت الخالصة مركزها الإداري و كانت محصنة بأسوار عالية تم تدمرها بالكامل أثناء غزو الرومان وانتهى بها الحال كباقية مساجد باليرمو التي زادت عن 300 مسجد

خريطة أحياء باليرمو وتيهر حي الخالصة باللون الأحمر

Castle of the Favara قصر الينابيع الفوارة                

و هو من أشهر القصور العربية القديمة خلال فترة حكم الامير جعفر الكلبي جعفر بن يوسف بن عبد الله، من آل أبي الحسين الكلبي القضاعي من أمراء صقلية في أيام الفاطميين بمصر في عام 388ه

 و يطلق عليها قلعة ماريدولشي Maredolce و تقع في ضواحي باليرمو الجنوبية تقريبا ربع ساعة بالسيارة من وسط المدينة داخل حي بارانكاتشوا Brancaccio من ضمن حديقة اليانابيع الفوارة  Favara Park و هي خير مثال للعمارة المغربية حيث تم بناءها على شكل رباط و تم جلب المياه الفوارة من أعالي الجبال بطريفة مبتكرة ومالبث أن بنى الملك النورماندي روجر الثاني قلعته الموجودة حاليا          

صيد السمك

لقد أحدث العرب ثورة في طريقة صيد الصقليين ، حيث أدخلوا طريقة يمكن أن توجه فيها أنفاق الشباك تدفق سمك التونة إلى “حجرة موت” ضخمة ، والتي سيتم بعد ذلك رفعها ورميها برماح. عشاق المأكولات البحرية يزورون فافينانا Favignana ، وهي جزيرة رائعة غرب صقلية ليست بعيدة عن الساحل من تراباني (30 دقيقة بالعبارة ). ستجد هنا واحدة من أهم أنواع التونارا  Tonnaraفي صقلية ، وهي المنشأة التي يتم فيها وزن وغسل وتقسيم التونة الطازجة. وقالت كارين لاروزا ، المرشدة السياحية المعروفة في صقلية ، في رسالة بالبريد الإلكتروني: “عندما أفكر في التأثير العربي ، غالبًا ما أفكر بالماتانزا ، طقوس صيد التونة”. “لقد كانت ممارسة مكثفة ومهمة بشكل مذهل … تشبه إلى حد كبير طقوس دينية.”

 Mazara del Vallo مازارا دل فالو

وهي‏ مدينة إيطالية في أقصى غرب جزيرة صقلية ، تترجم حرفياً إلى “ميناء الله”. و هي مطلة على البحر المتوسط عند مصب الوادي المجنون  (Mazaro)، و هي تقع ضمن مقاطعة طرابنش، و تبعد عن  مدينة طرابنش 55 كم جنوبا، كما تبعد عن الساحل الإفريقي ممثلا بتونس مسافة 100 كم، اقتصادها يعتمد على الزراعة خاصة العنب وصيد الأسماك والصناعات القائمة عليهما إضافة لصناعة الأثاث، عدد سكانها 50.377 نسمة لا يزال هناك عدد كبير من التونسيين الذين يعيشون في مركز تاريخي يعرف باسم القصبة Kasbah Mazara del Vallo

كانت مستوطنة فينيقية تسمى مزار ، أي القلعة، في عام 406 قبل الميلاد، وصلها العرب وطوروا وسط المدينة ، وقاموا ببناء مسجد وجعل المزارا مركزًا للدراسات الإسلامية في الأدب والشعر و العديد من الحمضيات و جناديل المياه، و ازدهر الميناء التجاري مع التجارة إلى شمال إفريقيا وإسبانيا وحتى وصول النورمانديون و إحتلالهم لها.

Marsala مرسى علي

سماها العرب هذا الإسم إشارة لمينائها الكبير والعظيم ميناء ليليبايوم القديم، في عام 212 هـ/827 م، وفي عز الخلافات الداخلية البيزنطية، وصل جيش للأغالبة تعداده 10,000 جندي وسبعمئة خيال ب100 سفينة أقلتهم من أفريقية إلى مارسالا (مَرْسَى عَلِيّ)، تحت إمرة القائد أسد بن الفرات. واحتلت باليرمو عام 831

الزراعة و الطعام

تظهر التقاليد العربية بشكل أكثر وضوحًا في ثقافة الطعام في صقلية، فقد جلب العرب لها الحمضيات و يطلق عليها في صقلية arancia (أرانشيا) وهي من أصل الكلمة العربية نارنج (ترنج في وسط السعودية) كما أن زهرة الشجرة يطلق عليها zàgara و أصلها الكلمة العربية زهرة،  و أيضا limone و يرجع أصلها لكلمة ليمون

في شرق صقلية توجد مدينة إسمها لينتيني Lentini بين سرقوسه و كتانيا تشتهر بزراعة البرتقال الأحمر والذي أحضره العرب لصقلية و موسم قطافه في فبراير و يتميز بطعم جميل مميز

قدم العرب أنظمة ري فائقة. لا تزال بعض قنواتهم (القنوات المائية) تحت الأرض تتدفق تحت باليرمو والتي تعتمد على جاذبية الأرض الطبيعية للتدفق للسطح في منطقة مخصصة لها إسمها الجابية (البركة) و يسميها الصقليون “جيبي” و تستخدم مواسير مصنوعة من الفخار يطلق عليها “قدوس” و وباللغة الصقلية “قدوسي” لتوزيع المياه على الزروع والنخيل ومازلت بعضها موجود حتى يومنا هذا في ضواحي باليرمو في منطقة  conca d’oro الكونكا دورو (الحوض أو الوعاء الذهبي) و هي منطقة زراعية خصراء جميلة، و كان العرب ينقلون يعض هذه المياه لإستخدام البشري في قلل من السراميك الخاصة لتنقيتها من الشوائب و كانت هذه المزارع تحيط بمدينة باليرمو بشكل فاتن و مميز كما وصفها و شبهها أحد الكتاب العرب بالعقد الذي يزين رقبة المرأة.

أسسوا صناعة الحرير في صقلية ، وفي بلاط الملك النورماندي روجر الثاني ، تم الترحيب بالمفكرين العرب العظماء مثل الجغرافي عبد الله الإدريسي. أصبحت الزراعة أكثر تنوعًا وكفاءة، فبالإضافة للحمضيات التي تراها منتشرة في جميع شوارع المدن ، جلب العرب للجزيرة المكسرات و قصب السكر و القمح القاسي و العديد من الخضروات ولعل أشهرها التين الشوكي و الخرشوف و الباذنجان و السبانخ و  الحمص و الفستق و حبوب السمسم و المشمش والسكر و الشمام و الأرز و الزعفران والزبيب و جوزة الطيب و القرنفل و الفلفل والصنوبر و القرفة.  والتي نعتبر من أهم المكونات الأساسية للمائدة الصقلية فلا عجب أن يطلق على صقلية “جزيرة حديقة جنوب أوروبا”

هذا ، بدوره ، أثر على المطبخ الصقلي لذا تعود أصول العديد من الأطعمة الصقلية الأكثر شعبية إلى الفترة العربية.

عند قدوم القمح القاسي للجزيرة عن طريق العرب تم إختراع المعكرونة بجميع أشكالها في الجزيرة ولباقي إيطاليا، مثال على ذلك أحد أنواع المعكرونة الشهيرة في صقلية يطلق عليهت إيتريا itriyah والتي ذكرها المؤرخ الشريف محمد الإدريسي (و لقبه الصقلي) في كتابه نزهة المشتاق في إختراق الآفاق، ويعتبر هذا الكتاب موسوعة جغرافية للعالم في القرن الثاني عشر. و توفى المؤرخ في جزيرة صقلية في عام 560 هـ (1166م). وتحدث الإدريسي عن أحد أنواع المعكرونة التي تشتهر بها الجزيرة ويرجح إن أصلها قد قدم مع سفن التجارة من أقصى بلاد الشرق.

Arancini أرانسيني (كرات الأرز المحشوة)

تعتبر أشهر تصدير للطهي في صقلية ، قد ابتكرها العرب كوسيلة للحفاظ على اللحوم.

Panelle (or panelle di ceci) – بانيلي

وهي فطائر صقلية خاصة في باليرمو و هي مصنوعة من دقيق الحمص والماء والملح والفلفل وزيت الزيتون والبقدونس المفروم ناعماً، يتم قليها و يتم تقديمها داخل خبز البرقر بالسمسم (مثل الشطيرة) و تسمى باني بانيل مع شريحة من الليمون.

Melanzana الباذنجان

يدخل الباذنجان كمكون أساسي للعديد من الأطباق و لعل أشهرها طبق المكرونة باستا ألا نورما Pasta alla Norma و هذه صورة للطبق بعد ما قمت بإعداده في المنزل بعد عودتي للسعودية – الطعم خيال

و أطباق أخرى مثل Caponata و يطلق عليها في صقلية  Capunat وطبق أصله عربي مكون من الباذنجان

و أيضا طبق Parmigiana di Melanzane

  Cassata كاساتا

هو طبق حلو قدمه العرب و هو عبارة عن وعاء يوضع به جينة الروكوتا الطازجه ممزوجة مع العسل و يرجع أصل كلمة كاساتا لكلمة الكأس أو (القصعة) الوعاء و توجد قصة أسطورية قد تكون صحيحة عن أصل التسمية و هو أنه يحكى أنه كان هناك راعي غنم عربي كان لديه وعاء يضع به جبنة الروكوتا الطازجة مع  العسل و مكونات أخرى فشاهده الفلاح الصقلي و سأله ماهذا؟ و هو يقصد ما بداخل الإناء إلا أن الراعي لم يفهم سؤاله و أجابه هذه كاسات  “quas’at” و منها حصلت هذه الأكلة على هذا الإسم Casasata 

وسُمي العنب زبيبو zibbibbu: على اسم الكلمة العربية “زبيب” التي تعني “حلو” و هو أحد أهم أنواع النبيذ الحلو في صقلية

و يُطلق على الخرشوف  “carciofo” ، وهو عنصر أساسي في فصل الربيع في أي نظام غذائي في صقليه تم جلبه و زراعته عن طريق العرب

و يشتتهر المطبخ الصقلي بطبق التبولة  Tabulèو لكسكس ، وهو طبق لا يربط معظمه بالطبخ الإيطالي ، ولكنه موجود في كل مكان على الساحل الغربي لجزيرة صقلية. حتى أن هناك مهرجانًا سنويًا للكسكس في سان فيتو لو كابو في غرب صقلية، حيث يتنافس الطهاة الدوليون سنوياً لصنع ألذ نسخة من الطبق.

كسكس صقلي

و اشتهرت أكلة الكسكس في مقاطعة طرابنش (تراباني) في المنطقة الساحلية في غرب الجزيرة و الممتدة بين كاستلا الماري و مارسالا (مرسى علي)  ويطبخ الكسكس بالسمك مع الخضار ، وتختلف طريقة طهيه عن المغرب فكلاهما يتم عن طريق البخار لكن في صقلية خطوات اعداده و تسويته تعتبر أكثر من المغرب و ربما كانت تتبع الطريقة التركية بشكل أكبر وهي طريقة أقدم من المستخدمة في المغرب

طبق القرانيتا Granita وهو من الأطباق الأساسية في وجبة الإفطار في صقلية و لا عجبا أصله عربي، فخلال حكم العرب لصقليه إستخدموا طريقتهم في إعداد الثلج “شربت” لتقديم هذا الطبق بنفس شكل الثلج على قمة البركان “إتنا” و على مر العصور تم تطويره و إضافة العديد من النكهات ولعل أشهرها الفستق و الليمون و التي يأكل معه خبز البريوش.

مثل الأطعمة الصقلية مثل Cύscusa (حساء السميد والسمك) و Pesto Trapanese (السباغيتي مع اللوز) و Pasta con le Sarde (المعكرونة بالسردين) هي تذكير بالماضي العربي

Almond Clusters – Confetti

a dish called  Tharida (ثاريدا)

Tharida و هي طبق عربي شهير إسمه ثاريده و هو عبارة عن لحم الضأن مطبوخ مع الحمص و السبانخ والمرق مع فتات الخبز

كلمات صقلية ذات أصول عربية

الأثر اللغوي هو أكثر أثار صقلية صمودا أمام الزمن فبعد مرور 11 قرنا منذ نهاية دولة المسلمين مازالت هذه المصطلحات جزءا رئيسيا في اللغة الصقلية

اللغة العربية التونسية التي كانت تُتحدث في الجزيرة منذ أكثر من 1000 عام لا تزال واضحة في اللهجة الصقلية من خلال الأماكن والكلمات اليومية خاصة المفردات التي تتعلق بالصيد و الفلاحة، وهذه بعض الأمثلة على الكلمات التي يستخدمها الصقليوون وهي من أصول عربية و هي تزيد عن 300 كلمة

عن Aboaziz

كاتب متخصص في المواضيع السياحية عن سويسرا والعالم

شاهد أيضاً

Gimmelwald

في صباح يوم جميل خلال شهر جولاي من عام 2018م قررت التوجه مع إبني عبدالعزيز …

10 تعليقات

  1. عوداً حميداً .معلومات ثرية
    اسأل الله لك ولوالدتك الشفاء العاجل يارب

  2. أختي الغالية أم فهد
    شكرا لزيارتك المدونة و جزاك الله خير
    حفظك الله و رعاك

  3. mohammed assiri

    لك وحشة حبيبنا وما تشوف شر

  4. الله يسلمك والشر مايجيك يارب

  5. الحمدلله عالسلامة.. سلامات ماتشوف شر وقدامك العافية ان شاءالله

  6. الله يسلمك أخي حسام

  7. سلامتك ماتشوف شر
    الصراحة احب اشكرك استفدت كثير من معلوماتك
    حابة اسالك فية مطعم ايطاليا في انترلاكن على البحيره بعيد عن المدينة هل تعرفة

  8. عودًا حميدًا ابو عزيز ♥️♥️ والحمد لله على سلامتك

  9. الله يسلمك من كل مكروه اختي نوال

  10. الله يسلمك اختي مريم
    بالنسبة للمطعم اللي تبحثين عنه فطلبك غير واضج لكن اقترح عليك مطعم سابوري Sabori في انتيرلاكن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *